(العارف لا يزول اضطراره ولا يكون مع غير الله قراره).هذه
الحكمة تعني أن من عرف الله فإن اضطراره وافتقاره إليه يبقى مستمراً, ذلك أنه لا يرى
لنفسه توفيقاً-بعد بذل الأسباب- إلا بعون الله.
أيها الأخ المؤمن أيتها الأخت المؤمنة:
عن أبي سعيد الخدريّ- رضي الله عنه- أنّه قال: «إذا أصبح ابن آدم فإنّ أعضاءه تكفّر اللّسان تقول: اتّق الله فينا فإنّك إن استقمت استقمنا
وإن اعوججت اعوججنا» أخرجه أحمد وغيره بسند حسن.
نهدف من هذه الخاطرة: أن نذكر في نهاية
هذا الشهر الكريم بوجوب الاستقامة والاستمرار على الطاعات, حتى بعد انتهاء هذا الموسم
الكريم.
يقول الله تعالى: ﴿فَاسْتَقِمْ
كَما أُمِرْتَ وَمَنْ تابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾[سورة
هود: 112].
أخي المؤمن أختي المؤمنة: المظهر المطلوب
للاستقامة هي مجاهدة النفس على مداومة الصالحات في خطٍ واحد مستمر فيلقى المرء ربه
وهو ثابت على خطه البياني.
لقد بالغ سلفنا الصالح في تحقيق الاستقامة
في حياتهم بمراقبة أنفسهم وصرفها عن المعصية, والدوام على الطاعة حتى إن أبا حفص عمرو
بن سليم النيسابوري رحمه الله- كما يروي عنه الذهبي في سير أعلام النبلاء- يقول: (حرست قلبي عشرين سنة ثم حرسني
عشرين سنة ثم، وردت علي وعليه حالة صرنا محروسين جميعا), ويعني أنه يراقب نفسه عن المعية
ويحضها على الطاعة, حتى تدَرَّبت وسلكت على الاستقامة.
أيها الأخ الحبيب أيتها الأخت المؤمنة:
يقول الله تعالى: ﴿يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ
مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً (174) فَأَمَّا الَّذِينَ
آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ
وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِراطاً مُسْتَقِيماً﴾ [سورة النساء].
أخرج ابن ماجة عن ثوبان- رضي الله عنه-
أنّه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «استقيموا ولن تحصوا، واعلموا أنّ خير
أعمالكم الصّلاة، ولا يحافظ على الوضوء إلّا مؤمن» صححه الحاكم ووافقه الذهبي.
برنامج عملي:
لنحاول الليلة أن نحافظ على الوضوء, لأنه
كما في الحديث من ميسرات الاستقامة, وإن استطعنا أن يكون هذا هدينا في الحياة.